أكثر من عقد مضى على صدور “ريزدنت إيفل” الأولى واللاعبين ما زالو يبحثون عن ضالتهم المرعبة، وكان أن بدا الجواب يتضح في
الفضاء الميت
اللعبة التي تم الاعلان عنها أواخر عام 2007 وستكون من نشر العملاق الرأسمالي EA، ومن تصميم فريق تاريخه محصور في لعبة العصابات المقتبسة من فيلم The Godfather.
أسئلة كثيرة واستفهامات أكثر دارت برؤوس اللاعبين عن ماهية هذه اللعبة؟
وخصوصاً عند الاعلان عن أنها ستكون لعبة رعب!
التساؤل والاستفهام كان كالتالي: ليس من عادة الناشر أو المصمم أن ينتج لعبة رعب!
ولكنهم فعلوا وكانت المفاجأة!
اللعبة تأخذنا للمستقبل، وتحديداً للعام 2058م، حيث مسرح أحداث اللعبة في الفضاء الواسع، القصة تبدأ في السفينة الفضائية العملاقة “إيشيمورا” المنطلقة في رحلة لتلبية نداء استغاثة من قبل أحد المستعمرات. بطل اللعبة هو مهندس السفينة إسحاق كلارك –والمأخوذ اسمه من مؤلفي الخيال العلمي الأمريكي إسحاق أزيموف Isaac Asimov والبريطاني السير أرثر تشارلز كلارك Arthur Charles Clarke.- اللعبة اتخذت منحنى جديد تماماً على عالم الألعاب في تقديمها لجرعة الرعب، مصممي اللعبة أبدعوا في توظيف مخيلتهم عن فكرة الرعب وتوظيفها بالشكل السليم ونجحوا في ذلك. ويعود ذلك لعدة عناصر تم وضعها كأساس للعبة.
إذ اعتمدوا أولاً على جعل البطل مجرد شخص عادي وليس شخص مهيأ للقتال.
ثانياً، الوحدة. أن تكون في مكان أنت تعرفه جيداً وتواجه مخلوق مخيف معلوم الملامح لهو أهون بكثير على ان تكون في مكان أنت لا تعرفه ولوحدك.
ثالثاً، شبه انعدام العمل الموسيقي. وهذا يعزز وبقوة العامل الثاني ألا وهو الوحدة.
رابعاً، الإضاءة والظلال. معظم اللعبة تدور في ظلام شبه دامس يعتمد اللعب على الرؤية عن طريق نيران مشتعلة أو الضوء الخافت المنبعث من الأسلحة التي يستعملها البطل.
خامساً، الأصوات. اللعبة تعتبر أيقونية في هذا المجال ويحتذى بها المثل في الامتياز في تقديم الأصوات في اللعبة.
صرخة البطل حين يقتل الوحوش،
صراخ الوحوش نفسهم،
صوت النيران وهي تأكل ما حولها،
انعدام الصوت تماماً في الفضاء الخارجي،
كل هذا جعل اللاعب يعيش فكرة رعب مطلق.
القصة في الأساس خيال علمي. وإن كان هناك قصة عاطفية بعض الشيء تتلخص في وجود علاقة بين بطل اللعبة وأحد أفراد الطاقم الطبي في المستعمرة والتي يبحث عنها إسحاق. أضف لهذا قصة لطائفة دينية تمارس طقوسها في الفضاء البعيد. كل هذا يجعل اللاعب في دائرة غموض لا يملك معها إلا أن يسير في أحداث اللعبة كأي بطل إغريقي نحو نهايته المحتومة وهو يتساءل وبخوف.
بالطبع الجانب التقني للعبة ساعد وبشكل كبير جداً في إظهارها بشكل ممتاز مما عزز عنصر الرعب في اللعبة. كل هذا أنطلق من مخيلة شخص أتقن الخلطة بامتياز، ونضيف لهذا كون اللعبة في الفضاء الخارجي الشيء الذي ساعد المطور بإضافة فكرة عنصر الجاذبية التي تجعل اللاعب ينغمس في هذه الفكرة لدرجة الخوف منها. بل واستفاد من الرعب المعوي المقدم في ألعاب الرعب الأخرى وذلك بإضافة لمسات الجثث المتناثرة في كل مكان والجدران الملطخة بالدماء مع إضافة عنصر رعب البقاء بتوفير القليل من الذخيرة للأسلحة وكل هذا بأحداث مكتوبة بعناية يتضح معها السبب الحقيقي للرعب في الفضاء.
وبهذا حفرت لعبة Dead Space اسمها كلعبة مرعبة أيقونية لن تتكرر.
ومع ذلك، استمر إنتاج الكثير من الألعاب المرعبة، لكن لم نرى أن مصمميها تمتعوا بالمخيلة الجبارة التي جسدت أفكارهم المرعبة لتستحق أن تكون لعب رعب. ومع مضي الوقت بدا واضحاً أن الرعب الحقيقي أصبح نادر في ألعاب الفيديو.
“يحتاج تذوق أدب الرعب إلى قدرة تخيلية عالية عند القارئ، بالإضافة إلى قدرته على التجرد مما يحيط به من مؤثرات.”
قالها لوفكرافت!
يحتاج الأمر إلى التجرد من المؤثرات. ولكن ما ذنب اللاعبين إذ فشل المصمم في خلق البيئة التي تنزع اللاعب وتجرده مما حوله؟
محاولة كاتب يائس
في العام 2005 أعن فريق التطوير الفنلندي Remedy عن نيته لإنتاج لعبة جديدة. وبعد الكشف عنها اتضح أنها لعبة رعب جديدة اسمها آلان ويك Alan Wake. الفريق له تاريخ ناجح مع سلسلة MAX PAYNE الناجحة صاحبة الشعبية الكبيرة.
لاحقاً أعلن الكاتب الرئيسي في فريق التطوير Sam Lake سام ليك أنها ستكون لعبة رعب بأسلوب لعب جديد تماماً. وبعد العديد من اعلانات الكشف عنها ومعرفة الكثير عن اللعبة بدا أن الجميع متحمس لها. وبعد مدة تطوير قاربت على الخمس سنوات صدرت اللعبة عام 2010 ولعبها الجميع.
القصة تتمحور حول آلان ويك، وهو كاتب روائي رواياته تحقق أعلى المبيعات. حدث أنه أصبح يعاني لمدة سنتين بما يسمى بـ writer’s block أو بالعربية “عقدة الكاتب” وهي حالة تصيب الكاتب وتجعله يفقد القدرة على الإبداع أو يعاني من بطء شديد في انتاج عمل جديد. يقرر آلان الذهاب مع زوجته إلى أحد المدن الصغيرة على سبيل الاجازة لعله يسترجع قدرته على الكتابة مرة أخرى. ما يحدث أن يواجه آلان قوة غامضة وينتهي الأمر باختطاف زوجته ويبدأ مرحلة البحث عنها في مدينة غريبة بين أشخاص غرباء ونبدأ نحن اللاعبين رحلتنا معه.
الان نأتي لما بعد العاصفة؛ إذ بعد الانتهاء من اللعبة اتفق الجميع أنها ليست مرعبة!
ولا يوجد بها لمسات الرعب التي تميزت بها الألعاب الأخرى!
إذاً لماذا أدرجناها هنا؟
قبل أن نجيب هذا السؤال لنتكلم كثر عن اللعبة.
اللعبة في الأساس تم اقتباسها من عدة أعمال روائية، تلفزيونية وسينمائية. كلها لها طابع الرعب. هذا غير اللعب على أشهر أوتار الخوف الكلاسيكية مثل:
- الاختفاء المفاجئ للبشر
- الغموض
- الظلام
- الأشخاص المجهولين
ومثل سايلنت هيل الأولى، كان النصيب الأكبر من الاقتباسات لـ ستيفن كينج Stephen King العملاق الأمريكي وصاحب الروايات الأعلى مبيعاً إذ كان الإلهام الرئيسي في اللعبة.
كينج كتب رواية The Shining أو “سطوع” بالعربية والتي تم تحويلها لفيلم كابوسي مرعب عام 1980م والذي غيًر مفهوم الرعب سينمائياً حتى يومنا هذا. افتتاحية هذا الفيلم تم اقتباسها بشكل كبير جداً لكي تكون افتتاحية لعبة آلان ويك. إذ أن وظيفة آلان ويك هي كاتب روائي شهير وهي نفس وظيفة بطل قصة “سطوع”. كلا الكاتبين – في القصة وفي اللعبة – يعانوا من عقدة الكاتب.
هناك اقتباس آخر؛ فيلم الستينات المرعب حتى حينه ألا وهو “الطيور أو The Birds” للأيقونة السينمائية ألفريد هيتشكوك.
وأيضاً فيلم Poltergeist – وهي بالمناسبة لفظة المانية معناها “الاشباح المزعجون” – الذي تم انتاجه عام 1982 م وبفضله أصبح الرعب عملة ناجحة في السينما.
ولكن، هل هذه الاقتباسات شفعت للعبة آلان ويك أن تكون مرعبة؟
وهل تميز فريق التطوير بامتلاك المخيلة المرعبة في اللعبة التي جعلت اللاعبين يندمجوا معها تماماً؟
آلان ويك لعبة اتجهت لاتجاه جديد، عكس ألعاب الرعب المعوي أو الرعب من المجهول، آلان ويك كانت لعبة رعب نفسي ممزوجة بالخوف التقليدي عند البشر. الخوف من الاختطاف والظلام والعواصف والمجهولين. مع عدة أعمال أدبية مرعبة ومشهورة جداً.
ما فعله المصمم باختصار أنه مزج خلطة معينة في مخيلته، خلطة عبارة عن خوف تقليدي مع أشهر أعمال الرعب وبعض الاسقاطات الواقعية وفي النهاية أخرجه في قصة جميلة ومتقنة مع أسلوب لعب أعجب الغالبية العظمى من اللاعبين.
الان نجيب على السؤال وهو – في حال نسيتم – إن لم تكن لعبة آلان ويك مرعبة، إذاً لماذا أدرجناها هنا؟
والجواب لأنها تقع تحت تصنيف ما يسمى بالرعب النفسي أو psychological horror. وهو الوصف الرسمي اللعبة.
ما معنى رعب نفسي؟
هو الرعب الذي لا يرتبط بالخوف من شيء محسوس ومعلوم مثل الوحوش وغيرها. إنما هو الخوف الذي يكون مصدره عدم الاستقرار النفسي والذي يجسد مخاوف البشر ويجعلها حقيقة فقط بالنسبة لهولاء الخائفين.
الجزء الثاني من سايلنت هيل يعتبر رعب نفسي أكثر من كونه رعب من المجهول. ولهذا مساحة الابداع فيه كانت أكبر من مثيلتها في الجزء الأول من السلسلة.
آلان ويك جسدت بنجاح الرعب النفسي. فبينما كان البطل يعاني من عقدة الكاتب، كان عقله الباطن مليء بالعديد من الأفكار الإبداعية الكثيرة التي تتصارع للخروج إلى الساحة فما حدث هو أن تصارعت هذه الأفكار مع الخوف التقليدي لكل بشري من الظلام، المجهولين، الاختطاف والغموض ونتجت عنها مغامرة عجيبة أثنى عليها اللاعبين وأقر كل من لعبها أن اللعبة قد لا تكون مخيفة ولكنها – حتماً – أحد أفضل التجارب في جيلها وأصبح لها تابعون شغوفون بها أو ما يسمى بـ Cult.
ويستمر المطر
في نفس هذه المرحلة، نشط المطورون المستقلون وانتجوا ألعاب مرعبة لفتت لها الأنظار وحملت معها أفكار مرعبة مثل:
- Slender: The Arrival
- Outlast
- Amnesia: The Dark Descent
ولكن، وبحكم تطويرها المستقل وميزانيتها المحدودة لم يدوم اسمها في الساحة كثيراً.
ومع أن ريزدنت إيفل، سايلنت هيل وحتى لعبة Dead Space توالت اصداراتهم ولكن بدا جلياً أن لمسة الرعب اختفت تماماً وطغت مخيلة الحركة والاثارة على مخيلة الرعب. والحق يقال أن هذا كان سبب في ضعف استقبال هذه السلاسل التي أصبح اللاعبون يتوقعون مع كل إصدار جديد إعادة بريق الرعب لألعاب الفيديو الأمر الذي لم يحدث ما أدى إلى توقفها جميعاً حتى إشعار آخر. وبدا أن اللاعبين ينتظرون المنقذ لهم لكي يعيد وهج الرعب في ألعاب الفيديو.
شينجي ميكامي
الرجل وراء ثورة ألعاب الرعب. وصاحب المخيلة الممتازة والتصميم المميز في عالم ألعاب الفيديو. بعد خروجه من كابكوم وعمله لعدة مشاريع قرر ميكامي العودة للجذور وذلك من خلال لعب رعب.
واستبشر عشاق ألعاب الرعب خيراً عندما تم الاعلان عن المشروع وبشكل رسمي. وكان اسم اللعبة المنتظرة هو الشر الكامن أو The Evil Within والتي صدرت عام 2014، وكانت – والحق يقال – مميزة.
ليس بكونها من شينجي ميكامي فحسب، بل لأنها نجحت وبامتياز لم يسبق من قبل حيث أن دمجت بين لعبتي ريزدنت ايفل وسايلنت هيل.
القصة كانت جيدة واعتمدت على الرعب النفسي مع الرعب الخوارقي أو رعب ما وراء الطبيعة حيث لا وجود للمنطق. وهو الجزء المقتبس من ألعاب سايلنت هيل. بينما أسلوب اللعب خرج لنا وبشكل كبير جداً شبيه بألعاب ريزدنت إيفل.
والنتيجة كانت لعبة ناضجة تماماً وكأنها تجربة مصقولة من أعمال ميكامي الأولى. بداية من مشهد الافتتاح والذي يذكرنا بأفلام التسعينات مروراً بالغموض الذي يواجه بطل اللعبة مع رجل له هيئة وحش يتمتع بقوة خارقة ومنظر غامض، أضف كمية ألغاز متناثرة، عناصر تسلل… وهنا لنا وقفة!
اللعبة أبدعت في جعل اللاعب يندمج تماماً ويعيش الرعب الحقيقي في مناطق اللعب التي تعتمد على التسلل، حيث من بداية اللعب يضعك المصمم في مكان ما يشبه مستودع متجر اللحوم، البطل معلق في السقف من رجليه بينما يديه تقطر دماً وأمامه مخلوق بشع المنظر وحوله جثث معلقة بنفس الوضعية!
الرعب يكمن في الجهل بالقادم حيث أن المخلوق بشع المنظر يترك البطل معلق ويذهب لما يشبه المطبخ لتقطيع جثث بشرية!
البطل يستطع الخلاص من وثاقه ويحاول التسلل للخارج؛ لكنه لا يعرف هذا المكان ولا أين طريق الخروج وهنا يكمن الرعب!
محاولات بائسة يحاول فيها البطل التخفي من نظرات الوحش الذي يعلم بهربك ويبدأ يلاحقك وهنا يكمن الرعب!
كل هذا يحدث في مكان شبه مظلم تنتشر فيه الدماء وتتدلى من السقف جثث بشرية بينما في الخلفية تنبعث المعزوفة الخالدة Air on the G String الهادئة الجميلة للعبقري الألماني “باخ Bach“!
جو مرعب للغاية أسسه وبنجاح ميكامي وأثبت أنه صاحب مخيلة مرعبة من الطراز الرفيع ويستطيع تجسيدها وبنجاح في ألعاب الفيديو. بالطبع اللعبة لا يتوقف فيها الرعب عند هذا الحد إنما يوجد تنويع كبير فيها كل ما تقدم اللاعب أكثر في أحداثها وقصتها التي تشمل عناصر الرعب النفسي، الخوف والقوى الخارقة.
اللعبة حصدت ثناء النقاد وأثبت ميكامي معها أن اللمسة ما زالت موجودة معه ولكن …
ويبدو أن لكن هذه ستصاحب جميع ألعاب الرعب وكأنها لعنة.
في لعبةThe Evil Within كانت اللعنة تتمثل في مشاكل تقنية عانت منها اللعبة الأمر الذي حال لوصولها لمبيعات ممتازة ومع ذلك اللعبة أعادت نفحة الرعب الذي كاد أن يختفي من ألعاب الفيديو. الرعب الذي بدا محتوماً أنه فقط مدينة التل الصامت هي من ستعيده
التلال… الصامتة
في الربع الثاني من العام 2014 استقبل اللاعبون خبر إعادة انتاج للعبة Silent Hill وهذه المرة تحت اشراف هايدو كوجيما بالتعاون مع المخرج المكسيكي جويلميرو ديل تورو Guillermo del Toro صاحب التحفة السينمائية “متاهة بان Pan’s Labyrinth” والممثل الأمريكي “نورمان ريديس Norman Reedus” بطل المسلسل المحبوب The Walking Dead.
اللعبة تم التسويق لها بفكرة عبقرية للغاية وذلك بإصدار نسخة تجريبية قابلة للعب أو DEMO على جهاز الـ PS4 ولعبها الجميع وكانت المفاجأة!
المفاجأة كانت في الاتقان الممتاز والمتقن للغاية في تقديم عناصر اللعبة سواءً من ناحية الإخراج، المؤثرات، الرسوميات، السرد القصصي العظيم والذي يذكرنا بقصص الستينات الكلاسيكية المرعبة، صعوبة الألغاز والأهم من هذا كله… اللعبة مرعبة للغاية!
أضف لهذا العناصر الفطرية المرعبة التي تجعل شعر عنقك ينتصب من الخوف!
اعتماد المنظور الأول في اللعب.
الاستيقاظ في مكان أشبه بمنزل قديم أنت تدور في أروقته بحثاً عن إجابة مجهولة لسؤال لا ترفه.
الأبواب المعلقة التي لا تعلم ما خلفها ولكنك تفتحها لتسمع ذاك الصرير المرعب غير عالم ما يخبيء لك الباب من خلفه.
بكاء طفل رضيع يشق السكون لدرجة تتردد في الذهاب لمصدر الصوت لاكتشاف ماذ هناك.
هاتف يرن ويخبرك رسالة عجيبة ومذياع قديم يزف لك نبأ قتل رجل لعائلته
كل هذا وأنت تحل ألغاز صعبة مربوط بها مستقبل حياتك والتي تسعى لإنقاذها من مجهول لا تعلمه.
هي فعلاً سايلنت هيل!
هي فعلاً التل الصامت التي ستنقذ السلسة وستنقذ معها عنصر الرعب في الألعاب.
ولكن… وكما أسلفنا؛ هناك لعنة تصاحب ألعاب الرعب!
في الربع الثاني من العام 2015 تم الإعلان عن إلغاء اللعبة لتتحطم معها آمال الكثير من عشاق ألعاب الرعب وبقي الأمل في إنعاش هذه اللعبة بيد المجهول!
الجدير بالذكر أن اللعبة فتحت آفق جديد للمصمم هايدو كوجيما وذلك بالتحرر من قيد سلسلة Metal Gear Solid عن طريق تجربة نوع جديد في تصميم الألعاب بالنسبة له ألا وهو الرعب.
إذ بدا جلياً للاعبين أن الرجل يتمتع بمخيلة مرعبة ممتازة ولكن للأسف لم تكتمل التجربة.
وانخمدت شمعة البحث عن الرعب
ومع بدايات العام 2016م بدا للجميع أن فن الرعب في الألعاب في طريقه للإندثار، ولكن شركة سوني أعادت الأمل للاعبين وذلك عن طريق طرفية نظارة الخيال الافتراضي لجهازها الـ بلاي ستيشن PS VR والتي استبشر فيها مطوري الالعاب في القفز إلى صنع تجارب ألعاب فيديو مرعبة ستجعل اللاعبين ينغمسون حرفياً في جو مرعب حقيقي. ويبدو أن الفكرة لاقت نجاح بين الشركات إذ تفرغت العديد من فرق التطوير لصنع ألعاب مرعبة منها ألعاب صدرت وأثبتت نجاح الفكرة ومنها ألعاب ما زالت قيد التطوير.
في الحقيقة هناك تحفظ شخصي حيال هذه الطرفية بخصوص انتاج ألعاب الرعب، حيث أن سهولة خلق خيال افتراضي للاعب يجعل الأمر سهل جداً للمطور بأن يجعل اللاعب يخاف! بمعنى لا يوجد ذلك التحدي الكبير الذي يجعل اللعب يتجرد مما حوله إذ أن نظارة الواقع الافتراضي تقوم بهذا الدور وبنجاح!
ولكن هذا لا يمنع ان الطرفية ستكون مكان ممتاز لمن يعشق ألعاب الرعب.
وهذا ما اثبته الجزء السابع من ريزدنت إيفل!
ريزدنت إيفل … 7
“أخبر العمة رودي… أن الجميع قد مات…
أخبرها أني حبيس حفرة مظلمة…
حبيس بكامل إراداتي… ولكنهم سجنوني وأخذوا روحي” –
بهذه الكلمات تم افتتاح الجزء السابع من السلسلة العريقة ريزدنت إيفل، وهي في الأساس – الأغنية لا اللعبة – مقتبسة بتصرف من أغنية فلكلورية أمريكية.
هذا الجزء أُعتبر بمثابة إعادة اطلاق للسلسلة أو Reboot، خاصةً بعد الضياع والتخبط في مسار السلسلة.
وعليه تم التغيير ولم يكن بالشيء اليسير.
خلطة جديدة بالكامل تعرضت لها السلسلة.
البداية مع قصة جديدة كلياً، وبطل جديد على السلسلة لا ينتمي لأي جهاز عسكري، وبالتمسك بتصميم يذكرنا بالجزء الأول من ناحية المكان، أضف لهذا عنصر الاستكشاف الذي عاد بقوة في هذا الجزء واعتمد على مهارة اللاعب لإيجاد عناصر تساعده على البقاء، وبالطبع هناك قلة الذخيرة وأدوات الإسعاف، والمحافظة على أصوات صرير الأبواب،والموسيقى المتوجسة وأخيراً وليس أخراً والأهم من هذا كله اللعب عن طريق المنظور الأول!
هذا التغيير أضفى الرعب الصافي الذي يجعل اللاعب يرى فقط أمامه لدرجة الانغماس في اللعب ونسيان ما حولك وهنا تأتي القيمة الحقيقية لنظارة الواقع الافتراضي PS VR.
فعلى عكس الأجزاء السابقة التي اعتمدت على عنصري الحركة والاثارة، هذا الجزء جسَد مخيلة المصمم بإتقان لدرجة عشنا في كل لحظات اللعبة رعب ممزوج بتوتر ساعد – ونجح- في جعل اللاعب لا يركز على اللعبة وما حولها إنما فقط كان هدفه الفرار من المعلوم والمجهول وكان هذا بمثابة أفضل استخدام لطرفية الـ VR
نقطة أخرى، هذا الجزء تم تقديمه بأسلوب شبيه بأفلام الرعب الأمريكية إبان الستينات، رعب ألفريد هتشكوك حيث الترقب والخوف هم أبطال الفيلم وليس القصة والممثلين. حيث تم الابتعاد عن العلامة المسجلة لهذا الجزء ألا وهو مخلوقات الزومبي، وتم استبدالهم بعائلة جنوبية غريبة الأطوار تعيش في مستنقع وسط بيئة غير صحية.
أيضاً هذا الجزء اقتبس بشكل كبير جداً من الجزء الأول.
القصر المهجور، المخابئ السرية، الأفخاخ المنتشرة في أرجاء اللعبة والألغاز اللازمة لفتح الابواب والحق يقال أن فريق التطوير توفق في الاقتباس.
أيضاً الفريق أبدع أيما إبداع في الوصول للكمال نحو تجسيد مخيلتهم المرعبة وجعلها واقع يعيشه اللاعبون؛ حيث وطوال لعبك لا تفكر سوى بالهرب من المجهول،
الهرب من وحوش غير معلومة المعالم،
الهرب من أفراد العائلة الغريبة الذين يطاردونك وسط هدوء قاتل لا يقطعه سوى صوت أنفاسك اللاهثة مختلطة بأصوات صدى خطواتك الخائفة.
ونشيد بالطبع بالقصة الجديدة – والتي اعتبرها شخصياً الأفضل على مستوى السلسلة ككل – التي كما أسلفنا بطلها جديد على السلسلة.
لطالما تميزت السلسلة بأفراد تابعين للأجهزة الأمنية، لكن في الجزء السابع تغير الوضع وبدلاً من شخص عسكري يعرف كيف يتعامل مع السلاح صمم لنا المطور بطل عادي يذهب في رحلة بحث عن زوجته المفقودة ليقع في بيت مهجور تسكنه عائلة تدعى “آل بيكر” وهي عائلة ذات أطوار غريبة لها طقوس أغرب. والحق يقال أن الفريق وضع اللبنة الأول في تجسيد مخيلتهم المرعبة؛ شخص عادي يقع في براثن عائلة ذات ثقافة أهل الغابات أو ما يسمى بثفاقة الـ Backwood تمارس طقوس مخيفة دموية!
بالإضافة لذلك، الفريق المطور لعب على وتر رعب ممتاز ومحبوب في أدب الرعب ألا وهو تميمة أو Theme ما يسمى بـ وراء الباب المغلق.
حيث اللاعب وطوال وقت لعبه لا يفكر سوى بالفرار وعليه يفتح الباب تلو الباب غير عالم بما وراء هذه الأبواب!
هل سيواجه وحش خطير؟
أم أحد أفراد عائلة بيكر الغريبة؟
أم هل يكون طريق الخلاص والنجاة؟
كل هذا يدور بعقل اللاعب وهو يفتح الباب هرباً مما خلفه ويخطو للأمام لا يعرف ماذا أمامه بينما صوت صرير الباب يشق الهدوء المخيف من حولك.
لحظات مليئة بالتوتر والخوف يعيشها اللاعب في كل ثانية من اللعبة لدرجة أجزم معها أن هناك شعور بالخلاص يغمر اللاعبين حين دخول غرف الأمان في اللعبة التي عادت في هذا الجزء.
كل هذه العوامل ركزت بدقة على عنصر الرعب في هذا الجزء الذي بدا جلياً أنه تطور بشدة وذهب إلى مستوى أعلى لتصبح معه هذه اللعبة وبكل جدارة أكثر ألعاب الفيديو رعباً على الأطلاق!
والمفارقة هنا أن لعبة ريزدنت إيفل هي من بدأ ثورة الرعب في ألعاب الفيديو وبها بدأنا مقالنا وبها نختم مقالنا ويختم ويبصم الجزء السابع وبلا جدال أسمه كأكثر لعبة فيديو مرعبة نجح مصمميها في تجسيد مخيلتهم المرعبة ونقلها بإتقان إلى حقل ألعاب الفيديو.
ختاماً
ننهي موضوعنا هذا بما قاله العبقري إدجار آلان بو Edgar Allan Poe،
“الكلمات ليس لها القوة للتأثير على العقل ما لم يتم توفير لها الجو الممتاز“.
وبالفعل، لن نجد صدى لأي كلمات نود قولها مالم نوفر لها البيئة المناسبة لتوصيلها بالشكل السليم. وألعاب الرعب كذلك، مالم يكون هناك تلك المخيلة التي بإمكانها تجسيد الرعب للاعب في جو مخيف متقن سيظل هذا الفن حبيس ألعاب الاثارة والحركة.
ختام الختام
على مدى فصلين سردت لكم رأي متواضع عن أكثر ألعاب الفيديو رعباً، لكن ماذا عن قراء كشكول المخضرمين؟
هل كان لهم تجارب مرعبة مع ألعاب مرعبة؟
هل هناك لعبة بعينها كان لها الأثر المرعب الذي جعلكم تقولون: هذه أرعب لعبة أُنتجت؟
شاركونا اجاباتكم.